الجمعة، 24 فبراير 2012

قصة البدون الذي ساعد النازح من البدون فسرقه الأخير وأبلغ عنه السلطات العراقية :

ليلاً بتمام الساعة الواحدة ليلاً ، أتى الجنود العراقيين وبصحبتهم رجلاً كبيراً مسن "بدون" ، وأدخلوه علينا وقالوا له : أجلس أهنا وفكر زين يابا : ومن ثم رحلوا
فسألته ما قصتك : فأجاب : أنا جندي بالبحرية في فيلكا ، هربت ودخلت الكويت ، وقد سجلت في الجيش الشعبي ، ولكنني لم أداوم معهم : فسألته : هل لديك كتاب عدم تعرض : فأجاب نعم : فقلت له : بسيطة أنت مشكلتك بسيطة .
وجه الصبح حضر العسكر واقتادوه ولم يعد ، وخـُيل لنا أنه قد خرج ، ولكننا تفاجئنا منتصف الليلة الثانية ، وإذا بالباب يفتح علينا ، ويدخلوا بنفس الشخص ( البدون ) ، وهو صافن ويفكر ؟
فسألته : ما طلعت : فقال : لا مصيبة : فقلت له : عسى ماشر : فبدأ يروي حكايته : قال  :
عند قدومي إلى بيتي في الصليبية ، بعد هروبي من فيلكا ، قد وجدت شخص في بيتي نازح علي من أم الهيمان ، ورحبت به كونه مثلي بدوي ومن البدون ، وكوننا في أزمة رحبت به ، وبعد عدة أيام ذكرت له أنني أود أن أبتاع أغراض بيتي ، لأنني محتاج وأود الرحيل إلى السعودية : فقال لي : هل تبيعني أغراض بيتك : فبعتهم إياه بمبلغ 500 د.ك ، ولم أستلم منه فلساً واحداً ، والظاهر أنه قد أبلغ عني ، وهم الآن يريدون اسم من يود أن يهربني إلى السعودية : فقلت له : لا عليك ، قل لهم ودلهم عليه ، وبعد ساعات حضر العسكر واقتادوه ، وبعد عدة ساعات أرجعوه ورموه علينا ، وهو يسيل الدم من جميع جسده : فسألته بشر وش صار : فقال ما صدقوني  .

رجل يطلق زوجته في المخفر
بعد منتصف الليل ، سمعنا صراخ رجل وهو يسب ويلعن زوجته العراقية ، وكان الضابط يهادن الرجل ويحاول أن يـُسكت صوته ، والرجل يقول لها ثلاث أيام هاده البيت ، هذي مو أول مرة طالق طالق طالق  .

قيادة محافظة الجهراء
بعد شهر رحلت أنا وزميلي فهد دحام الظفيري ، من مخفر الصليبية إلى قيادة محافظة الجهراء ، وقد أبلغنا العسكر أنه إفراجٌ ، وسوف نذهب إلى بيوتنا ، وأن قبل قليل قد تم الإفراج عن شباب كويتيين ، ولكننا تفاجئنا أن أعيننا تـُعصَبْ ، وقد أركبونا في باص مظلل الجام ، حتى أنك لا تكاد أن ترى أي شيء ، وعرفنا أنه ليس إفراج ، ولكننا كنا نحاتي أن يذهبوا بنا إلى المشاتل ، أو قصر نايف ، أو كلية الشرطة ، لعلمنا أن هناك شتى أنواع العذاب ؟ 
بعد حينٍ عرفنا أننا في قيادة محافظة الجهراء ، فهدأ بالنا  .

القبض على بعض من أفراد المباحث الجناية
تفاجئت أن أدخلوا علينا بعضاً من رجال المباحث الجنائية ، وكان من ضمنهم عايش أو عياش وكان معه بعضاً من رفاق درب العمل ، فسألتهم : ما أتى بكم : فأجابوا كنا في شقة أحد ضباط المباحث الجنائية ، وهو مطلوب للعراقيين ، وقد عملوا كمين داخل شقته بعد أن سيطروا عليها دون علمه ، وكل من يأتي إليها يقتادونه إلى الأسر ، فسألتهم هل يعلمون عنكم شيء : فأجابوا لا البتة : فأخبرتهم : أن السلطات العراقية لا تأبه للأدلة الجنائية أو البصمات ، إنما تأبه لاعتراف لسانك ، فهو محكمتك ، ويجب عليكم أن تنكروا أي صلة لكم بهذا الشخص ، وأن تتحملوا يوماً أو بعض اليوم وسوف تخرجوا ، وبعد يومين تم إطلاق سراحهم جميعاً  .

قصة إعدام ( جاسم دشتي )
تم إلقاء القبض على شاب يبلغ من العمر 17 سنة يدعى جاسم دشتي مع بعض جيرانه ، بسبب الكتابة على الرصيف يسقط المغبور صدام ، وقد أخذ العراقيين أحد أفراد البيت المقابل للكتابة ، وآخر من البيت الأيمن وآخر من الأيسر ، ووجهوا لهم تهمة المقاومة ، والتطاول والاعتداء على فخامة الرئيس المقبور ، في بادئ الأمر نكروا وتعرضوا للضرب وللهوان ، وأعترف جاسم دشتي بأنه هو من كتب على الرصيف يسقط صدام ، فناصحته مع جيرانه بأن هذا الاعتراف سوف يجر بصاحبكم إلى الهلاك "الإعدام" ، ويجب عليكم أن ينكر صاحبكم وأن تتحملوا لينجوا صاحبكم بعمرة ، تجاوبوا إلا أن جاسم أبى وقال : أنا من كتب ولن أحمل جيراني ذنباً أنا اقترفته ، وفعلاً بعد كم يوم استدعيا جاسم وأصحابه "جيرانه" للتحقيق ، وعاد الجيران وهم يرون قصة كيف أعدم جاسم أمام أعينهم أمام منزله بالعارضية .

قصة إلقاء القبض على الطيار هاني الدعيج
فجأة أدخل علينا شخص سبق وأن كانت لي معرفه به ، المقدم الطيار هاني الدعيج ، وكان خائفاً يلتفت يمنةً ويساراً ، فدنوت منه وهامسته أن كيف حالك ، وبدا لي ولكأنه لا يعرفني ، فقلت له أنا طالب العربيد جارك أيام خيطان ، ففرح وسعد بلقائي ، حاولت جهد نفسي أن أجعل منه أن لا يهاب العراقيين ، وأن يعتاد على الأمر ، وأن يعلم أن الفرج قريب  .

قصة إلقاء القبض على وليد الناشي ( بوشامة ) من قبل السلطات العراقية :

قبل إلقاء القبض على وليد الناشي ، كان هو مطلوب للسلطات العراقية ، حيث تم إلقاء القبض عليه هو وأخوه خالد الناشي "بو شامة" ، وبحوزتهم أسلحة في منزلهم الكائن بمنطقة خيطان ، فر وليد الناشي مم بين أيدهم ومن أمام أعينهم ، وأصبح جاري البحث عنه :
بعد شهر تم إلقاء القبض عليه بواسطة عميل لهم ، وتفاجئت بإدخاله عليّ ، وبسؤاله عن مشكلته عرفت سبب حضوره إلى هنا ، وناصحته بعدم الاعتراف ، وبتحمل مجريات التحقيق ، وسوف تكون في أمان ، استجاب - افترقنا - والتقيت به في الكويت بعد خروجي من الأسر  .

التحقيق معي من قبل العراقيين في قيادة محافظة الجهراء
بعد مرور أسبوع من احتجازي في قيادة محافظة الجهراء ، تم استدعائي صباحاً بتمام الساعة السابعة للتحقيق ، وكان التحقيق في غرفة الاجتماعات بالأرضي لمدير الأمن ، والغرفة عبارة عن مكتب بيضاوي طويل ، أحضروني مغمض العينين مكبل اليدين ، وحين وصلت غرفة التحقيق وإذا بها شخص واحد ، كبير بالسن ، وباين عليه أنه قيادي ، فبادلني بالسلام ، وقال : هل أنت مرتاح ، فقلت له لا : فطلب منهم أن تفك القيود ، وأن ترفع عن عيني عـُصابتها : وبدأ التحقيق : وباشر في الكلام : ملازم طالب لا أريد أجوبة شفهية بل مكتوبة ، ومن ثم طلب أوراق مسطرة كنا نستعملها في مخافر الداخلية للتحقيق ، وكنت أجلس في طرف من الطاولة البيضاوية ، وهو يجلس في الطرف الآخر ، وكان يكتب السؤال على الورق ، ومن ثم يحذف بالورق علي لأجيب عليه ، وكانت الأسئلة كالتالي : السؤال الأول : أنت ظابط أمن دولة صحيح :
الإجابة لا : أنا والدتي من البصرة وأمن الدولة يجب أن يكون ضباطها من أبويين كويتيين  .
السؤال الثاني : ارسم مبنى أمن الدولة  :
السؤال الثالث : حدد الأقسام عليه :
السؤال الرابع : حدد أسماء المدراء والضباط والأفراد التابعة لهذه الأقسام  :
الإجابة : أنا عملت في أمن الدولة لمدة أسبوع فقط ، كون والدتي عراقية من البصرة ، ولا أذكر بالضبط هذه الأقسام ، ولكنني سأذكر لك ما أتذكره عن هذه الأقسام ، وتم تحديد المدراء والضباط والأفراد ، وكانت جميع الأسماء التي أدلينا بها وهمية ، لا صحةً لها ، واستمر التحقيق لغاية الساعة الثالثة فجراً ، وتوالى التحقيق معي مدة يومين متتالين ، من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثالثة فجراً ، وكان آخر سؤال : كيف نكسب الشعب الكويتي  :
الإجابة : هذا السؤال سأجاوبك عليه شفوي : فقال تكلم : فقلت له : ما ذنبي أنا وأنا المحتجز لديك قرابة الشهرين دون ذنب ، هذا أنا واحد من الشعب الكويتي ، فكيف ستكسب هذه الآلاف من الشعب الكويتي وهم يذوقون الأمرين : فقال لي : دون هذه الإفادة - فدونتها  .

التحقيق والذهاب بيّ إلى مخفر خيطان ، وطلبهم مني الاستدلال على بيوت الضباط من أدليت عنهم في إفادتي الأولى التي كانت في مخفر الصليبية
بعد الانتهاء من التحقيق سالف الذكر بقيادة محافظة الجهراء بأربعة أيام ، تم استدعائي مساءً ، وكما هو الحال في كل مرة ، يأتون بك وأنت مـُعصب العينين مكبل اليدين ، وهنا فاجئني ضابط التحقيق العراقي عند دخولي عليه ، ملازم طالب هايّ أسلاحك جبناه ، شلون تقول ما عدك أسلاح ، فأجبته وأنا على يقين أنه كاذب ، إن كان قد عثرت على سلاحي فأعدمني به ولا داعي لأن تسألني ، وهنا صمت ، قائلاً : إت وين أسلاحك : فأجبته عندكم : فقال : كيف عِدْنا : فقلت له : أول ضابط عراقي دخل مخفر النقرة سلاحي عنده .
وفعلا بعد ما سردت عليه كيفية أخذ سلاحي مني ، طلب منهم العودة بيّ إلى النظارة ، وبعد أربع ساعات عاودوا وطلبوني مرةً أخرى : وذهبوا بيّ إلى مخفر خيطان لأول ضابط دخل مخفر النقرة ، وهناك تم استجوابي ، عن كيفية أخذهم لسلاحي : فبدأت أروي لهم :
أن سلاحي عندكم ، ومن أخذه هو من كسر التجوري الموجود بمكتب رئيس المخفر ، حيث المسدسات الموجودة به ، ومن ضمنهم كان سلاحي : صمت الضابط – ثم قال لي وهو يصرخ : هسا تندلنا على رفقاتك الضباط ، وفعلا سحبوني وبدأت أذهب بهم بيتاً بيتاً ، وكلما ذهبوا إلى بيت لا يجدون به أحد ، ومن ثم عادوا بيّ إلى قيادة محافظة الجهراء ، وأرجعوني إلى حيث كنت دون أن يحققوا معي  .

دار الأحداث ( الفردوس ) اللجنة :

بعد احتجازي قرابة الـ 20 يوم في قيادة محافظة الجهراء ، تم ترحيلنا أنا وزميلي فهد دحام الظفري إلى دار الأحداث بمنطقة الفردوس ( اللجنة ) ، هنا بهذه الدائرة تقرير المصير ، هنا يقرر مصير كل محتجز كويتي حسب اعترافاته . 

ومن الشخوص الكويتيين التي مرت عليّ هنا في هذا المعتقل هم : على أيوب إسماعيل بندر – النقيب خالد المسفر – فهد الشريدة – الملازم أول عبدالعزيز التورة ، وقد استطاع الهروب من قبضة السلطات العراقية – الملازم وليد شهاب ، وقد استطاع الهروب من قبضة السلطات العراقية ، ويعذرني من سقط اسمه خلال الـ 22 سنة ، حيث أن الذاكرة لا تسعفني .

هنا في هذه الدائرة سالفة الذكر ، قد رأيت الكثير من الضباط الكويتين والذي لم يعودوا للبلد حتى يومنا هذا ، وكانوا يتواجدون في معتقل مقابل لمعتقلنا ، في نفس الدائرة ( دار الأحداث ) بالفردوس ، وكنت أراهم من خلال النافذه المطلة لنافذتهم ، ولكون المسافة بيننا بعيدة بعض الشيء لم أستطع تحديدهم بالضبط ، ولكنني شاهدت ملامح بعضاً منهم كوني أبخصهم ومنهم : العقيد سفاح عنبر ، ومعه مجموعة كبيرة من الضباط ، ولا أستبعد أن يكون معهم الملازم أول بدر القوبع - النقيب نوري الجحمة - العقيد عبدالله الجيران - النقيب عبدالعزيز المسفر - العميد السيجاري وغيرهم من الضباط الذي لم يتم اطلاق سراحهم حتى يومنا هذا ، والذي قد تم العثور عليهم فيما بعد في مقابر جماعية بالعراق .

طلب النقل إلى المجموعة التي كنت أشاهدها من الضباط الكويتيين في
( دار الأحداث ) : 
هنا في هذا المعتقل تعرفت على النقيب خالد المسفر ضابط كويتي بالجيش ، وهو الأخ الشقيق لـ النقيب / عبدالعزيز المسفر ، وصارحته أنني أود النقل إلى تلك الضباط الكويتيين المحتجزين هناك ، إلا أنه الأخير مانع عليَّ بالرفض ، ونصحني أن لا أطلب النقل فأمتثلت له .

معتقل المشاتل بالعمرية العميد / يوسف المشاري :
 أفاد رئيس عرفاء / عادل السردي من سكان الرميثية بعد خروجه من الأسر ، أنه كان مقيد يد بيد مع العميد يوسف المشاري ، وكنا نزلاء معتقل سجون المشاتل بالعمرية ، وكان من ضمن من رأيتهم آنذاك هناك الشهيدة المغفور لها / أسرار القبندي : ويقول : تم أخذنا يد بيد من الكويت أنا والعميد يوسف المشاري إلى داخل العراق ، وتوقفوا بنا في البصرة ، أنزلوني أنا في الآمرية البحرية ، والعميد يوسف المشاري تم أخذه إلى جهة غير معلومة .

 ( جي ون ) مقر الاستخبارات الكويتية : 
بعد احتجازي قرابة الـ 10 أيام في دار الأحداث بالفردوس ( اللجنة ) ، تم ترحيلنا أنا وزميلي فهد دحام إلى مقر الاستخبارات الكويتية ( جي ون ) تحت الأرض ، وهنا رأيت النقيب / حمد العصفور – النقيب / مشعل المشعل – الجندي / سيف المشعل  .

ما قبل ترحيلنا إلى ( الآمرية البحرية ) بالبصرة بدقائق : 
قبل ترحيلنا إلى البصرة بدقائق ، تم التحقيق معنا في مقر قيادة الاستخبارات الكويتية ( جي ون ) ، وكان التحقيق بالضبط في الغرفة المتواجدة عند مدخل الباب الرئيسي لمقر الاستخبارات الكويتية ، ومن خضع للتحقيق أنا والنقيب حمد العصفور والملازم أول فهد دحام الظفيري ، وكان القصد من هذا التحقيق هو دراسة حالتك النفسية ، هل أنت معهم أم ضدهم ، كما أن كان القصد من هذا التحقيق الظفر بساعة الصفر للضربة الجوية ، وكان التحقيق عبارة عن سوالف ومن ضمن هذه السوالف يضعون لك سؤال غير مباشر ؟
فبدءوا يخوضون بحديث من مفترق طرق ، ومن ضمن هذا الحديث قال أحدهم : ملازم طالب تعرف كم عدد الدول العربية : فقلت له 22 دولة : فقال : يابا من وين جبت 22 ، يابا الكويت محافظة مو دولة .
وبدأ يخوض حتى أن وصل ما رأيك في الحرب العراقية الإيرانية : فقلت له لم أسمع عنها : فغضب وبدأ يخوض الحديث مع زميلي الملازم أول فهد دحام الظفيري وهو يقول له : ملازم فهد تسمع شيقول صاحبك ، يابا بيها معركة سميناها ( الكويت ) : فرد عليه فهد دحام : لم نسمع في حرب عراقية إيرانية ، وهنا أرجعونا جميعا دون أن يكملوا ، وبعد دقائق تم ترحيلنا إلى الآمرية البحرية بالبصرة .

الخروج لدورة المياه ووجبات الأكل : 
في جميع المواقع التي تم احتجازنا فيها لا يتم الخروج لدورات المياه إلا مرةٍ واحدة باليوم ، والأكل كان الأشبه بعدم وجوده ، فالسلطات العرقية لا تقوم بتوزيع وجبات الأكل إلا بعد المساء ، والأكل عبارة عن ثلاث صمونات يابسة توزع على ثمان أشخاص ، وماعون وسط به شوربة ماء لثمان أشخاص ، وهذه الوجبات شبه يومية تكاد أن لا تنقطع ، وكنا بسبب هذا النظام نصوم شبه يومي .

التوقيف بالآمرية البحرية بالبصرة : 
تم ترحيلنا إلى الآمرية البحرية بالبصرة ظهراً ، وهيَّ الأشبه ببيوت فيلكا القديمة ، وكانت عبارة عن حوطه من طين ، ومبانيها من طين ، والزنازين كانت من الحاويات الحديد ( كونتينر ) ثلاجات اللحوم والخضرة ، وكانت كل حاوية تحوي على أكثر من 150 موقوف ، وكنا خلط مابين كويتيين وعراقيين ، وكان عدد الكويتيين الموقوفين هنا 11 شخص ، وهم : العقيد / حسن جاسم – مقدم طيار / هاني الدعيج – الجندي / سيف المشعل – العسكري / سامي الزايد – الملازم أول طالب العربيد – الملازم أول / فهد دحام الظفيري أما البقية لا أذكر أسماؤهم .

الخروج لدورة المياه ووجبات الأكل :
هنا في هذا المحتجز لا تخرج للحمام سوى مرةٍ واحدة باليوم صباحاً ، والأكل تكاد أن لا تعرف شكله واسمه ، وكان يجلب لنا من أموالنا ، والسلطات العراقية لا تكلف نفسها وسعاً بأن تجلب لك الغذاء ، ومن ليس معه أموال لا يستطيع أن يأكل ، وكان الماء الذي يجلب لنا من السلطات العراقية ماءٍ خرج ، ذو رائحة وذو طعم خرج ، فكنا نشتري ماء الصحة خوفاً من الإسهال .

ترحيلنا من الآمرية البحرية إلى سجن الرشيد ( بغداد ) :

تم ترحيلنا ظهراً ، وكان على حساب نفقتنا الخاصة ، لكل فرد 5 دنانير عراقية ، ومن ليس لديه مبلغ الـ 5 دنانير لا يرحل إلى سجن الرشيد .

معتقل سجن الرشيد ( بغداد ) : 
هو عبارة عن معتقل كبير جداً ، به الكثير من البوابات الكبيرة التي يصل ارتفاعها إلى الـ 5 أمتار ، وهو عبارة عن سجون مختلفة يفصل ما بين كل سجن وسجن بوابات عدة بنفس الارتفاع ، وقد مررنا بسجون من أشباكٍ شائكة ، بها عوائل كثر عراقيين محتجزين هم وأطفالهم ، وكان في هذا المعتقل يسمح بالزيارات لنا ، وكان العسكر الكويتيين في حال لا بأس بها ، حيث كان لديهم من الأموال ومن النعم ما يتزودون بها على مرارة الأيام الصعبة التي تمر بهم ، وكانت تلك الأموال وتلك النعم هيَّ من خيراتِ الكويت .

الزيارات للأهالي في معتقل سجن الرشيد ( بغداد ) : 
من خلال هذه الزيارات التي مرَّ بها العسكر الكويتيون في هذا المعتقل ، استطعت أن أبلغ أهلي في الكويت أنني حيّ ، وأنني متواجد الآن في سجن الرشيد ( بغداد ) ، حيث كلفت أحد الأسر الكويتية ، زوجة المقدم بالبحرية عبدالله القلاف ، أن تحمل أسرتهُ هذه الرسالة وتـُبلغ بها أهلي في الكويت ، وفعلا بعد أسبوع تفاجئت بأن لي زيارة ، وكانت الزيارات آنذاك تقوم من كل يوم أثنين وأربعاء ، وكانت زيارة أهلي لي من يوم الاثنين ، ومن زارني هم : والدي وزوجتي وأخي وليد وأبني جاسم ، وتكررت الزيارة في يوم الأربعاء ، وفي هذا اليوم أبلغني أخي وليد أن هناك من يود مقابلتي ، فقلت له من : فقال أحد الأخوة من الكويت يدعى مفرج المفرج من سكان الجهراء ، وهو يسأل هل في سجن الرشيد سجناء كويتيين ، وهو يود أن يعرف أسماءكم ، ويود أن يعرف ما هيَّ احتياجاتكم من مؤن وأكل ، واتفقت مع أخي على أن نتلاقى على أننا أبناء خالة ؟.

الزيارة الخاصة من يوم السبت لمفرج المفرج في سجون الطاغية ( بغداد ) : 
تفاجئت من يوم السبت صباحاً يـُطلب اسمي ، فنهضت مسرعاً ، وإذا بهم يصطحبوني بسيارةٍ عسكرية إلى جهةٍ غير معلومة ، وكنا نجوب المعسكر بوابةٍ تلوَّ البوابة ، حتى أن وصلنا إلى ما هم يرغبون الوصول إليه ، ومن ثم أنزلوني وأدخلوني إلى مكتبٍ به ضباط عراقيين ، وكنت أضن أنه تحقيقٌ معي ، ولكني بعد برهةً من الزمن تفاجئت بشخصين أحدهما كويتي والآخر فلسطيني سلفي ملتحي ، وبدأ يسلم عليّ ذاك الشخص الكويتي ، وأنا أقول له حياك الله يـَ بن الخالة ، وعندها خرج جميع الضباط العراقيين وتركونا مع بعضنا ، ولكنني لم أعطه أيّ اسمٍ عنا ، وأبلغته أننا هنا بحاجة إلى كل شيء من ملبسٍ ومأكل ، وأنني على علم من أن جميع ضباط وزارة الداخلية سوف يـُرَحلون من يوم الاثنين القادم إلى جهةٍ غير معلومة ، وإذا ما أردتَ أن تساعد جميع الكويتيين المحتجزين في هذا المعتقل ، فعليك أن تلتقي بالمقدم الطيار هاني الدعيج ، انتهت المقابلة ، رحل - ومن ثم رحلت .

السجناء الإيرانيين في سجن الرشيد ( بغداد ) : 
السجناء الإيرانيين كانوا كثر ، وكنا جيرانهم في المعتقل الطوفة بالطوفة ، وكانت البدلات التي يرتدنها لونها أصفر ، ومكتوبٌ عليها أسير حرب ، وكنا نزودهم بالطعام ، حيث كنا نلقي عليهم بعضاً مما يتوفر إلينا من المعلبات .

معتقل باعقوبة ( مدينة البرتقال ) :

تم ترحيلنا إلى باعقوبة من عصر يوم الاثنين من معتقل سجن الرشيد ، وكان معتقل باعقوبة هو ( كسجن الرشيد ) ، كبير - وبوابات كبيرة - وأشباكٍ شائكة – ونزلاء عراقيين مع عوائلهم وأطفالهم – وكان عبارة عن مهاجع مبنية من الطابوق ، وليس به سوى خليط من الضباط الكويتيين ، من مختلف الفصائل والوزارات الكويتية ( الدفاع – الداخلية – الحرس الوطني ) ، وكل مهجع به خمسون ضابط كويتي ، وكانت القيادة الكويتية العسكرية بقيادة الشيخ أحمد الخالد الصباح هيَّ منعزلةٌ عنا ، ولكننا نلتقي بها صباحاً ، وكان عدد الضباط الكويتيين بهذا المعتقل قرابة 679 ضابط كويتي .


الإصلاحات داخل معتقل باعقوبة "المطبخ والمهاجع" :
تم إصلاح المطبخ والمهاجع داخل سجن باعقوبة على نفقة الضباط الكويتيين ، حيث تم تجهيز المطبخ بكامل حاجياته ولوازمه على نفقة الضباط الكويتيين ، كذلك هما المهاجع ، حيث تم تجهيزهما بكامل ما يحتاجون له من أنوار وكهرباء ولوازم أخرى من بطانيات وفرش على نفقة الضباط الكويتيين ، وتم تكليف عدد من الضباط وهم لا يتجاوزون الـ 10 ضباط ، بالقيام بشؤون المطبخ ، حيث كانوا يطبخون فترة الغداء والعشاء لـ 679 ضابط بشكل يومي وباستمرار ، وكان رؤساء المهاجع يرسلون في كل فترة أحد الضباط بالتناوب لإحضار وجبات الغداء والعشاء .

توزيع معاشات ما قبل الضربة الجوية على الضباط الكويتيين المحتجزيين من قبل طاغية بغداد المقبور : 
تنامى لعلمنا أن السلطات العراقية تنوي توزيع معاشات على الضباط الكويتيين المحتجزيين لديها ، فتأتت إلينا الأوامر من القيادة الكويتية العسكرية المحتجزة معنا بقيادة الشيخ أحمد الخالد الصباح ، أن لا نأخذ أيّ فلس حتى نخبركم ، وما نود معرفته هو ، هل أنتم ضباط كويتيين محتجزين لديهم ، أم مقيدين ضباط عراقيين ، وبعد يوم أو يومين أتتنا الأوامر بأخذ هذه المبالغ من المال من السلطات العراقية ، حيث تبين للقيادة الكويتية أننا ضباط كويتيين محتجزين لدى السلطات العراقية ، فأخذناها وكنا بحاجة لها آنذاك ، كنا لا نعلم كم سنلبث عندهم ، وكان أقل رتبة قد صرف لها قرابة 1.500 عراقي مزور .




البرنامج اليومي في معتقل باعقوبة "مدينة البرتقال" : 
يـُتـَمَمْ علينا في كل مساء داخل المهاجع ، ومن ثم تقفل الأبواب علينا حتى الساعة 7 صباحاً ، وفي الصباح تفتح لنا الأبواب فنكون أحرار الحركة في محيط المعسكر الذي نحتجز به مسلوبين الإرادة ، وكنا في الصباح نجتمع ونتحاور ونجلس ونتمشى ونصنع الشاي والقهوة ، ونلتقي مع باقي المهاجع ومع القادة ونأخذ منها الأوامر ، وكان عدد الأفراد العسكريين الكويتيين لا يقل عن 50 فرد كويتي عسكري في المهجع الواحد من جميع مختلف الرتب ، وكان لكل مهجع مسئول مكلف من مسئول المهجع لنقل الأخبار التي تجري على الساحة من القنوات الإخبارية لبقية أفراد المهجع ، وكنا نتناوب على إيصال وجبات الغداء والعشاء من المطبخ إلى المهجع في كل يوم على فردين ، وهكذا وفي المساء بتمام الساعة 7.30 مساءً تقفل الأبواب علينا بعد أن يتمم علينا وهكذا في كل يوم .

مخطط الهروب من معتقل باعقوبة  :
فاجئنا قبل الضربةِ الجوية ، بأن القيادةِ العسكرية الكويتية تقوم بتوزيع بلسوتات ونقود وتمر علينا ، وأبلغونا من أن هناك خطة للهروب من هذا المعتقل ، ولكن في حالتين :
الأولى : في حال حصل دمار شامل على هذا المعسكر .
الثانية : في حال حصل تمرد شامل من قبل الجنود العراقيين الموجودة هنا على المعسكر .
وتم تزويدنا بمخطط الهروب ، بالإشارة إلى مكان مستودع الأسلحة الموجود في معتقل باعقوبة ، وأن أقرب طريق لنا في حال الهروب ، طريق خانقي ، القريب لإيران  .


الإفراج والخروج من معتقل باعقوبة "مدينة البرتقال" :
في منتصف رمضان وقت الفطور حضر إلينا الصليب الأحمر ، وقيد أسماءنا ، وأعطى لكل ضابط منا باسبورت به رقم خاص بكل ضابط ، وأبلغونا أن ساعة الخروج هو شأنٌ عراقي كويتي ، وبـ 30/3/1991م من يوم السبت تم الإفراج عنا ، ودخلنا السعودية عن طريق عرعر ، ومن ثم الكويت "المطار الدولي" ، ومن ثم صالة شيخان الفارسي .